الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة في شهادة للتاريخ: تفاصيل اللحظات الأخيرة من حياة الراحل نجيب الخطاب

نشر في  25 ماي 2016  (10:17)

بقلم منير فلاح
نجيب الخطاب كما عرفته...
يوم 24 ماي ذكرى ميلاد نجيب الخطاب المذيع الذي احبه الملايين فهو من مواليد 1953
و توفي في 25 أفريل 1998، وهو أحد أبرز الإعلاميين التونسيين في القرن العشرين. عمل مذيعا ومقدم برامج، بدأ بالتعليق الرياضي عندما اصطحب المنتخب التونسي إلى الأرجنتين سنة 1978 في منافسات كأس العالم لكرة القدم. صعد نجمه بعد تقديم برامج يوم الأحد المتنوعة في التلفزة التونسية وأصبح الإعلامي التونسي الأول بلا منازع. اكتشف العديد من المواهب وكان له حضور عربي متميز. 

ولد نجيب الخطّاب في أسرة متوسّطة الحال أصيلة منطقة «الرّڤبة» التي تبعد عن مركز ولاية تطاوين بعشرة كيلومترات. والده يدعى عمر ووالدته مبروكة له أخوان هما سليم وحبيب وخمس أخوات استقرّ جميعهم في حي سيسيليا بحلق الوادي ثم انتقل مع العائلة إلى حي 5 ديسمبر بالكرم الغربي.

بعد دراسة لمدّة سنتين بكليّة الآداب والعلوم الإنسانية 9 أفريل التحق بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار.
عرفت نجيب الخطاب عن طريق الصدفة في اروقة كلية 9 افريل سنة 1976 في المشربة كان رفقة مجموعة من طلبة قسم التاريخ و قدم لي العون باعتباري حديث العهد باروقة الادارة و اعطاني فكرة عن اجواء قسم التاريخ و اهم الاساتذة العاملين فيه....كان عامها قد غادر الكلية ليشتغل بالصحافة.

سنة 1985 كان ينشط منوعة تلفزية تبث عشية الاحد مباشرة من استوديو 9..ودعاني صحبة صديقي مصطفى نقبو للحديث عن مجلتي شاشات تونسية التي رات النور في تلك الفترة....واثناء تقديمي اخطا في اسمي قائلا صالح فحاولت التصحيح مذكرا اياه ان اسمي منير لكنه اعتقد اني قلت له مدير فعلق مباشرة كلنا مديرين في مشاريعنا الخاصة ثم فسح المجال لبث احدى المباريات الرياضية..

فعاتبته على اصراره على الخطا و وضحت له المسالة قائلا راهو اسمي منير موش صالح اما في خصوص قولك مدير...راني مدير دار الثقافة باب العسل و مدير نوادي السينما و مدير شاشات تونسية ثلاثة في واحد...فضحك كثيرا ثم تدارك المسالة عند عودة البث اعتذر لي و قدمني باسمي منير....

سنة 1990 تعاملت معه كثيرا بوصفي رئيس مصلحة البرامج الثقافية وكان يستشيرني في خصوص الشخصيات الثقافية التي ينوي دعوتها لبرامجه...

و في تلك الفترة كان المرحوم حبيب حرار يقوم باعداد الاسالة الخاصة بالمسابقات و حدث ان اختلف معه في مسالة مهنية فعاقبه حبيب حرار باعطائه جواب غالط عن سؤال يخص الفلاسفة اليونانيين و سطر له تحت اسم ارسطو عوض افلاطون ...اثناء البث المباشر اسند الخطاب الجائزة بصفة خاطئة و جلبت له المسالة نقد الصحافة ...فقرر التخلي عن حبيب حرار و طلب مني مساعدته في اعداد الاسئلة والاجوبة و قدم لي مقابل ذلك منحة مالية مهمة تفوق بكثير منحة برنامج سينما و جمهور الذي كنت اعده لقناة 7 في تلك الفترة..

في سنة 1995 كنت اتفقت مع مجموعة الحمايم البيض على تنظيم ذكرى عيد ميلاد 15 للمجموعة بدار الثقافة ابن خلدون و اقترحت على نجيب الخطاب دعوتهم في منوعته بالمناسبة و اقنعته انه مجرد تقديمهم لفقرة في التلفزة التونسية سيرفع عن الفرقة المحاصرة المفروضة عليهم بسبب نوعية الاغاني التي اختصوا بتقديها فوافق على الفور ونسق مع المجموعة و قدمها في احلى حلة... 

هذا هو نجيب الخطاب كما عرفته وقبل وفاته بايام التقيته صدفة فاعلمني ان الارهاق انهكه وان الطبيب طلب منه التوقف عن العمل و ضحك و قال ..ماك تعرف الجو هوني(التلفزة) لو كان ترتاح يفكولك البلاصة...

الأسبوع الأخير من حياته كان متعبا إلى درجة لا توصف. وصل به الأمر إلى حدّ ملازمة الفراش ولم يعد إلى العمل إلاّ يوم الجمعة بعد الزّوال أي قبل وفاته بيوم... حيث باشر بنفسه مونتاج برنامج «السهريّة على الفضائيّة» ثم خاطب بالهاتف الفنّان المصري علي الحجّار الذي كان سينزل ضيفا على سهرته ثم طلب صور موكب دفن الفنّان الرّاحل محمد بن علي لأنّه كان ينوي بثّ فقرة خاصّة عنه.

وقبل مغادرة مكتبه في مقرّ الإذاعة والتّلفزة التونسية علم باعتذار علي الحجار على القدوم فاتّصل بصوفية صادق وأعلمها بأنّه سيقدّم لقطات من حفلها بالقبّة... وبدا يعد لبرنامج يعوض به حضور عل الحجار.... وفي حدود الساعة الثامنة أحسّ بأوجاع فتمّ نقله إلى مصحّة... وإلى غاية منتصف اللّيل كانت حالته مستقرّة، ولكن بعد ذلك بساعتين أمر الأطبّاء بنقله على عجل إلى العناية المركّزة لكنّه أسلم الرّوح قبل دخولها... رحم الله الفقيد العزيز على قلوبنا جميعا.